عن عبد الله بن عمر قال: «ما سمعت عمر لشيء قط يقول: إني لأظنه كذا، إلا كان كما يظن، بينما عمر جالس، إذ مر به رجل جميل، فقال: لقد أخطأ ظني، أو إن هذا على دينه في الجاهلية، أو لقد كان كاهنهم، علي الرجل، فدعي له، فقال له ذلك، فقال: ما رأيت كاليوم استقبل به رجل مسلم، قال: فإني أعزم عليك إلا ما أخبرتني، قال: كنت كاهنهم في الجاهلية، قال: فما أعجب ما جاءتك به جنيتك، قال: بينما أنا يوما في السوق، جاءتني أعرف فيها الفزع، فقالت: ألم تر الجن وإبلاسها، ويأسها من بعد إنكاسها، ولحوقها بالقلاص وأحلاسها.
قال عمر: صدق، بينما أنا عند آلهتهم إذ جاء رجل بعجل فذبحه، فصرخ به صارخ، لم أسمع صارخا قط أشد صوتا منه يقول: يا جليح، أمر نجيح، رجل فصيح، يقول: لا إله إلا أنت، فوثب القوم، قلت: لا أبرح حتى أعلم ما وراء هذا، ثم نادى: يا جليح، أمر نجيح، رجل فصيح، يقول: لا إله إلا الله، فقمت، فما نشبنا أن قيل: هذا نبي.»
رواه البخاري
ملخص تفسير هذا الحديث هو أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قبل إسلامه لقي كاهناً اسمه سواد بن قارب الدوسي و كان ينطق بصوت جنية - و العرب كانت تؤمن بالجن قبل الإسلام - و هذا النوع من الجن كان يسمى بالتابع .
كان هذا الكاهن يردد كلمات مسجوعة لها دلالة تنبؤية عن مقدم النبي محمد صلى الله عليه و سلم مصدرها من الجن .
كان يقول :
يا جليح، أمر نجيح، رجل فصيح، يقول: لا إله إلا الله، فقمت، فما نشبنا أن قيل: هذا نبي .
المعنى : يا جليح أي يا أيها الرجل الوقح الظاهر العداوة , أمر نجيح من النجاح , و المراد بذلك دعوة النبي محمد , رجل فصيح يقول لا إله إلا الله و هو النبي محمد صلى الله عليه و سلم بالطبع .
الكلام هذا قيل قبل ظهور الدعوة , و سمعه عمر و كان السبب الحقيقي في إسلامه و ليس الرواية الغير صحيحة المتشرة بأنه سمع سورة طه و تأثر حد البكاء ثم أسلم , هذي الرواية المزيفة التي تلقفتها أيدي الكتاب و انبهرت بها لتعرضها لاحقاً في المسلسلات و الأفلام .
ما أريد إيصاله هنا هو أن سبب إسلام أحد أعمدة الدين الإسلامي هو ناتج عن رؤيته لما حصل بعد هذا الكشف الذي قام به هذا الكاهن و كان هذا قبل سماعه للقرآن الذي نعتقد كمسلمين بالوراثة أن لسماعه من قبل أشخاص غير مؤمنين له نفس الوقع و التأثير العميق الذي يحصل لنا .
القرآن وحي إلهي لكن مالذي جعل رجلاً كعمر يقتنع به ؟ , ملامسته لأمر غيبي باطني حصل عن طريق الكشف , بعد ذلك انفتح ذهنه على احتمال كون ما ينزل على النبي هو وحي فعلاً , ثم بعد ذلك أسلم بعد عداوة مريرة للإسلام و أهله , لا أستبعد أن خطاب الكاهن كان موجهاً لعمر نفسه .
يعني بالعامي و بكل بساطة صعبة تجي لشخص لاديني و تقول له لازم تؤمن بالقرآن لأنه كلام الله و ما يلمس أي شي ما ورائي يخليه يقتنع بكلامك .
أرجو أن تكون فكرتي قد وصلت .
المراجع :
https://dorar.net/hadith/sharh/150551
https://hadithprophet.com/hadith-34530.html