حكاية .. الواعظ
كان هناك احد الوعاظ كما كان يصعد المنبر ..
كان يقوم بالدعاء لقطاع الطرق .
وكان يرفع يديه قائلا :اللهم ارحم ألأشرار والفاسدين والطغاة وكل الساخرين من أهل الخير ، وكل الكفار وسكان الدير.
لم يكن يدعو للأصفياء ، كان كل دعائه للخبثاء.
فقيل له : إن هذا ليس بالأمر المعهود، والدعاء لأهل الضلال ليس منك بالجود
فقال : لقد رايت منهم الخير ولهذا السبب ادعولهم لقد ارتكبوا كثيرا من الخبائث
والمظالم والجور ، بحيث الجأوني من الشر الي الخير
وكلما كنت انصرف الي الدنيا كنت اتلقي منهم الضربات والطعنات فكنت اتنحي عن
الطعنات الي جانب ، كان الذئاب هو الذين يعيدوني الي الجادة ولما كانوا صناع
السبب في صلاحي .. فالدعاء لهم واجب علي ايها العظيم
ان العبد يجار بالشكوي الي الحق من الالم ومن الوخز ويقدم مائة شكوي من الالم
الذي يعانيه .
فيقول الحق : ان التعب والالم في النهاية قد جعلاك متضرعا وقاما فاشك من تلك
النعمة التي تردك عن بابنا وتجعلك بعيدا ومطرودا .
وفي الحقيقة فان كل عدو هو دواءلك هو كيمياء بالنسبة لك نافع لك مشتاق لك …
فانك تنطلق هاربا منه نحو الخلوة، وتطلب العون من اللطف الالهي . والحقيقة ايضا
ان اصدقاءك اعداء لك انهم يبعدوك عن الحضرة ويشغلونك عنها .
وهناك حيوان اسمة الغرير او (الزباية)، انه يزداد سمنه وضخامة عندما يضرب بالعصا انه يتحسن مادمت تضربة بالعصا .
انه يزداد سمنه بضربات العصا . ويقينا ان النفس المؤمن كالغرير انها قوية سمينة
بطعنات الالم ولهذا السبب ، فمن بين كل خلق الدنيا ، يكون التعب والبلاء اكثر انصبابا
علي الانبياء
بحيث صارت ارواحهم اقوي من كل الارواح فلم يبتل مثل هذا البلاء قوم اخرون .
والجلد يتمدد من عقار البلاء ، ويصير لينا كانه الاديم الطائفي وان لم يكن قد عولج بالر
والملح ، لتعفن ولصار سيئا نجسا. فاعلم ان الانسان للانسان جلدا غير مدبوغ ، صار
من الرطوبات قبيحا ثقيلا .
فعالجه بشدة بالمر والملح ، حتي يصير لطيفا ذا بهاء وان لم تستطع ، فارض ايها
العيار، ولو ابتلاك الله بلا اختبار فان البلاء من الحبيب تطهير لكم ، وعلمه اعلى من
تدبيركم . فعندما ينظر الي الصفاء يكون البلاء حلوا ، ويطيب الدواء عندنما يكون المرء
ناظر الي الصحة .
من كتاب المثنوي لمولانا جلال الدين الرومي ..